فالإقرار المجرد لا يسمى شرعًا إيمانًا، بل لابد من قبول وإذعان. القبول ضد الرفض، والإذعان ضد الاستكبار.
يقول:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا}: يعني مثل الذين كفروا.
ثم قال:{وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ}: وهذا لا شك أنه من جملة كفرهم؛ لأنه دال على ضعف الإيمان.
وقوله:{وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ}:
قال بعض المفسرين: إخوانهم في النسب، وقال بعض المفسرين: إخوانهم في الكفر، والثاني أقرب، أي: قالوا في شأن إخوانهم إذا ضربوا في الأرض.
{لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا}:
يعني لو لم يضربوا في الأرض ما ماتوا، ولو كانوا عندنا ولم يغزوا ما قتلوا، فقوله:{لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} هذا فيه ما يسمى عند البلاغيين لفًا ونشرًا مرتبًا، (ما ماتوا) مقابل (إذا ضربوا)، (وما قتلوا) مقابل (أو كانوا غزى)، و (إذا ضربوا) قبل (كانوا غزى)، إذن فهو مرتب، فلو كانوا عندنا ولم يضربوا في الأرض ما ماتوا، ولو كانوا عندنا ولم يغزوا ما قتلوا. يقول هؤلاء: لو أنهم لم يسافروا ما ماتوا، ولو أنهم لم يغزوا ما قتلوا، هكذا يقولون.
لكن الله يقول:{لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ}:
أي ليجعل الله هذا القول الذي قالوه وهو لا يغني عنهم شيئًا، يجعله الله حسرة في قلوبهم، حسرة: يعني تحسرًا وندمًا يستحسر به القلب ولا ينبسط ولا يفرح، وإلا فإن هذا القول لا يغني شيئًا.