للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقَها أو وفوقُها -روي بالوجهين- عرش الرحمن" (١) وهذا يدل على أن الجنة فوق السموات. وأما النار فهي في أسفل السافلين، وعلى هذا فلا يكون في الآية إشكال إطلاقًا، ويحتمل أن نقول: إن هذا اليهودي أراد أن يلبس ويشبّه في القرآن ويتبع ما تشابه، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صحَّ الحديث أجابه على وجه يبهت فيه ولا يتكلم على مقتضى عقله، فقال: "أين الليل إذا جاء النهار؟ "

على كل حال فإن معنى الآية الكريمة أن هذه الجنة عرضها عرض السموات والأرض، أما طولها فقال بعض أهل العلم: إنه إذا كان عرضها السموات والأرض فطولها أعظم وأعظم؛ لأن العادة أن العرض دون الطول، ولكن الصحيح أن عرضها وطولها واحد إذ ليس لها عرض وطول وذلك لأنها مستديرة، وليست مربعة، وإذا كانت كذلك فإن عرضها يكون طولها. هذا هو الصحيح الذي صحَّحه جماعة من أهل العلم.

وقوله: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}: في محل جر صفة للجنة، ويجوز أن تكون في محل نصب حالًا. والنكرة إذا وصفت جاز أن تأتي منها الحال.

أعدها الله عزّ وجل، وقد بيَّن الله ذلك في آيات أخرى مثل قوله تعالى: {وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ} [التوبة: ١٠٠] فالمُعِدُّ هو الله ولكنه ذكر بصيغة المجهول ليوافق قوله فيما سبق {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: ١٣١].


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب درجات المجاهدين في سبيل الله، رقم (٢٧٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>