للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بليغ، يعني أن هذا أدنى أنواع التشبيه إذا ذكر المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه، فهذا أدنى أنواع التشبيه.

وإذا حذفت أداة التشبيه وذكر وجه الشبه صار مؤكدًا لكن غير بليغ؛ لأنك إذا قلت: "فلان بحر في الكرم" أكدت أنه بحر في الكرم لكن نقصت قليلًا، فإذا حذفت أداة التشبيه ووجه الشبه صار تشبيهًا بليغًا، إذا قلت: "فلان بحر"، فإذا قلت: رأيت بحرًا يعطي الدراهم بلا عدٍّ، صار هذا أبلغ من الأول، ويسمى هذا استعارة.

على كل حال {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} هذا التشبيه بليغ؛ لأنه حذفت منه أداة التشبيه ووجه الشبه، فيكون بليغًا.

ومعنى {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} يعني كعرض السماء والأرض، لكن هل يلزم من هذا أن تكون مالئة للسماء والأرض، أو أنها كعرض السماء والأرض وإن كانت هي في محل آخر؟

الجواب: الثاني، ولذلك شكك بعض العلماء في الأحاديث التي فيها أن رجلًا من اليهود سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كيف يكون عرضها السموات والأرض؟ أين السموات والأرض إذا كانت هي عرضها عرض السموات والأرض؟ فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أين يكون الليل إذا جاء النهار؟ " (١)، فهذا الحديث. في رفعه نظر؛ لأن الآية لا تدل على أن الجنة ملأت السموات والأرض وصارت في محلهما، بل تدل على أن عرضها عرض السموات والأرض وإن كانت هي فوقهم، ولذلك نقول: إن الجنة فوق السموات والأرض كلها، كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سألتم الله


(١) رواه أحمد في مسنده (١٥٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>