للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصف الخبيث على سبيل الإطلاق، بل هو من قسم الطيب، لكنَّ فيه خُبثًا، وهذا الطيب غلب على خبثه، كما أن الكافر وإن فعل ما يُحمد عليه، كالبر والجود والشجاعة، وطلاقة الوجه، وما أشبه ذلك، هذه خصال إيمان، لكن خُبثه أعظم من هذه الخصال فهو من قسم الخبثاء، وليس من قسم الطيبين، إذن نقول: هؤلاء المؤمنون الذين عندهم صفات كفر من قسم الطيب الذي فيه خبث، لكن طيبه يغلب على خبثه، والكفار الذين فيهم خصال من الطيب من قسم الخبيث، لكن الطيب الذي فيهم قد انغمر في جانب الخبث، وعلى هذا فليس هناك قسم ثالثٌ بل هما قسمان.

٥ - أن من ادَّعى علم الغيب فهو كاذب، وتؤخذ من: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} بل هو كافر؛ لقوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥]، ولأنه إذا ادَّعى علم الغيب فقد كذَّب بمضمونها؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}، ولكن ما المراد بالغيب؟ .

المراد بالغيب هنا ما غاب غيبًا مُطلقًا، وذلك الذي يكون في المستقبل، أما الشيء الحاضر، ولكنه غائبٌ من أناسٍ دون أناس؛ فهذا قد يطَّلع عليه الإنسان، وإن لم يُشاهده بِخبر الجن يسيحون في الأرض، يذهبون شمالًا ويمينًا، وهم سريعو التصرف فربما يسعون في الأرض ثم يُخبرون أولياءهم بما شاهدوا في أراضٍ بعيدة، فيكون هذا غيبًا إضافيًا.

ومعنى الغيب الإضافي: أي بالإضافة إلى قوم دون قوم، فالذين شاهدوه ليس غيبًا عندهم، أما البعيدون عنه فإنه غيب عندهم، ويقال: المغيب النسبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>