للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمراد بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله، هو الغيب المطلق، هو الذي يكون في المستقبل، فهذا لا يطلع عليه إلا الله، فإن قال قائل: ألسنا إذا رأينا السماء مدلهمَّة والرعد قاصفًا، والبرق خاطفًا، أننا نتوقَّع المطر؟ ! .

الجواب: بلى، فإذا قلنا ستمطر، فليس هذا من علم الغيب، بل هذا ظن مبنيٌّ على القرائن، وقد يخطئ ظننا وقد يأمر الله هذا السحاب فيتمزَّق ولا يُمطر، ولكن حسب ما نتوقَّع، ولسنا نقول هذا علم، والخلاصة أن الغيب هنا هو المطلق، وهو الذي يكون في المستقبل، أما الغيب الإضافي النسبي فهذا قد يُطلع الله عليه من يشاء من عباده، بواسطةٍ كالجن مثلًا، فالجن يعلمون ما حصل في الأرض، وُيخبرون به أولياءهم، وأولياء الجن قد يكونون متقين وقد يكونون مجرمين، فإن كانت ولاية الجن لهم بسبب الشرك فيهم، كالذبائح للجن وما أشبه ذلك، فهذه ولاية إجرام، لكن يقول شيخ الإسلام رحمه الله: إن الجن قد يتولون المؤمن لإيمانه، يحبونه في الله، ويخدمونه في أمره، قال: وهذا جائز بشرطين: ألا تكون وسيلة استخدامهم محرَّمة، وألا يستخدمهم في محرَّم، فمثلًا إذا قالوا: لا نخدمك حتى تسجد لنا، فهذا حرام وشرك، وإذا قالوا: لا نخدمك حتى تُدخل فلانًا السجن، فهذا حرام لكنه ليس بشرك، يعني خدموه بدون شرك، لكن استخدمهم في شيء محرَّم. فلو قال قائل: إن استخدامهم حرام بكل حال؛ لأن الله تعالى يقول: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: ١٢٨]،

<<  <  ج: ص:  >  >>