للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآبدين (١)، وهذا أهون أهل النار عذابًا -أجارني الله وإياكم منها- ولم نعلم أن كافرًا نفعت فيه الشفاعة على الإطلاق، بمعنى أنه سلم من العذاب أبدا، ولم نعلم أن كافرًا خفف عنه العذاب بالشفاعة إلا أبا طالب.

٤ - أن الإنسان قد يغره ما هو عليه من الدين؛ لقوله: {وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}، فيغتر بأنه يصلي ويزكي ويصوم ويحج، ثم يقول في نفسه: لن أعذب. وهذا قصور في النظر؛ لأنه ليس الشأن أن تصلي أو تزكي أو تصوم أو تحج، الشأن كل الشأن أن يقبل منك هذ العمل. كم من عامل ليس له من عمله إلا التعب لوجود مبطل سابق أو لاحق.

فالسابق كعدم الإخلاص مثلًا، واللاحق: كالإعجاب بالعمل، والإدلال به على الله عزّ وجل، وأن يرى الإنسان لنفسه حقًّا على ربِّه.

وقد يبتلى الإنسان بالبدعة! ! كم من أناس يحبون الخير وعندهم رغبة ومحبة لله ورسوله، ولكن لجهلهم يبتدعون في دين الله ما ليس منه، فيكون عملهم مردودًا؛ لأن من شرط قبول العمل أن يكون موافقًا لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" (٢).


(١) أخرجه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب، رقم (٣٨٨٣). ومسلم، كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه، رقم (٢٠٩).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ومحدثات الأمور، رقم (١٧١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>