للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الحسنة قال: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ} وهنا يقول: {وَإِنْ تُصِبْكُمْ} في السيئة، فهل هذا من باب اختلاف التعبير أو هناك فرق معنوي؟ قال بعض العلماء: إن هذا من باب اختلاف التعبير، وأن المعنى في قوله: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ} أي إن تصبكم حسنة، قالوا: ودليل ذلك قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩]. وقال بعض العلماء: بل بينهما فرق لأن المسَّ أخف من الإصابة، وبنى على ذلك أنهم يساؤون من الحسنة وإن كانت قليلة جدًا ويفرحون بالسيئة إذا أصابت وأوجعت، وهذا الفرق بالنسبة لقوله: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ} وجيه، لكن بالنسبة لقوله: {وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} لو قلنا بهذا الفرق لكان فرحهم بالسيئة لا يكون إلا إذا كانت شديدة، وهذا فيما يظهر خلاف حالهم، وبناءً على ذلك يترجح القول بأن "مسَّ وأصاب" بمعنى واحد، لكن اختلف التعبير لفائدة وهي التنبيه؛ لأنه إذا اختلف الأسلوب لابد أن يحدث للإنسان المخاطب انتباه بخلاف ما إذا كان على وتيرة واحدة، وقوله: {وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ} هل يدخل في ذلك هزيمتهم في الجهاد؟

نعم يدخل، ويدل على هذا قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (٧٢) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: ٧٢، ٧٣].

وقوله: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}:

إن تصبروا على ما ينالكم منهم، ومعلوم أن الصابر ينتظر

<<  <  ج: ص:  >  >>