فإن قال قائلٌ: كيف أخذ الله العهد على العلماء ونحن لم نعلم أن أحدًا من العلماء أجرى صفقة عهدٍ مع الله؟ .
فالجواب: لمّا أعطى الله العلماء العلم كان إعطاؤهم إياه عهدًا بأن يقوموا بنشره وإعلانه بين الخلق، فإذا لم يقوموا بذلك فإنهم لم يَفُوا بعهد الله.
القول الثاني: يشترون بعهد الله أي بعهدهم مع الناس، وأضافَهُ الله لنفسه {بِعَهْدِ اللَّهِ} لأنه أمر بالوفاء به، قال الله تعالى:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا}[النحل: ٩١]، فسمَّى الله معاهدة المؤمنين لغيرهم، سمَّاها عهدًا له {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} مع أنهم ما عاهدوا الله وإنما عاهدوا الخلق، لكنه أضافه إلى نفسه لأنه أمر بالوفاء به، فصحَّ أن يُقال أوفوا بعهد الله.
فقوله:{بِعَهْدِ اللَّهِ} يشمل المعنيين جميعًا؛ أي بما عاهدوا الله عليه أو بما عاهدوا الخلق عليه، فعلى الوجه الأول المعنى ظاهر وواضح ليس فيه إشكال. وعلى الوجه الثاني فيه شيء من الإشكال حيث سمَّى عهد المخلوقين عهدًا لله. ولكن الجواب عنه أن يقال: أضافه الله لنفسه لأنه أمر بوفائه.
وقوله:{وَأَيْمَانِهِمْ} يعني ويشترون أيضًا بأيمانهم ثمنًا قليلًا، والأيمان جمع يمين، وهي الحلفُ بالله عزّ وجل، فيشترون باليمين ثمنًا قليلًا مثل أن يحلف على جَحْد حقٍّ واجبٍ عليه، أو