للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال في آية أخرى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: ١].

وقال: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: ١]. ولم يذكر التشابه، وهذا أيضًا من المتشابه، فكيف يوصف القرآن بأوصاف ظاهرها التعارض؟ !

فالراسخون في العلم يعلمون أنه لا تعارض، فيقولون: المتشابه الذي وصف به القرآن غير مقرون بالمحكم، فيراد به التشابه في الكمال والجودة والهداية.

فهو متشابه أي: كل آياته متشابهة، كلها كاملة البلاغة، كلها كاملة في الخبر، كاملة في الأمر والنهي، فهي متشابهة من حيث الكمال والجودة والإحكام والإخبار وغير ذلك.

وإذا ذكر محكم بغير ذكر المتشابه فالمعنى: أنه واضح متقن، ليس فيه تناقض ولا تعارض، ولا كذب في خبر، ولا جور في حكم، فيحمل الإحكام على معنىً، والتشابه على معنى آخر.

قال تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}:

{وَمَا}: نافية، {يَذَّكَّرُ}: أصلها يتذكر، لكن قلبت التاء ذالًا وأدغمت في الذال الأخرى، فصارت {يَذَّكَّرُ} أي: لا يتعظ وينتفع بالقرآن إلا أولو الألباب، أي: إلا أصحاب العقول؛ لأن الألباب جمع لب، واللب هو العقل، والمراد بالعقل هنا عقل الإدراك الذي ضده الجنون، وعقل التصرف الذي ضده السَّفه. فالذي يتذكر بالقرآن هو الإنسان الذي أعطاه الله عقلًا يدرك به الأشياء، وأعطاه الله رشدًا يحسن به التصرف. وأما من أعطاه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>