للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جاءوكم منها في وقت مبادر؛ لأن الفور معناه المبادرة بالشيء، فالمعنى أنهم إذا باغتوكم وأتوكم من فورهم، فإنه يمددكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، فالشروط إذن ثلاثة: الصبر، والتقوى، وأن يأتوهم من فورهم هذا؛ فإن الله يمدهم بخمسة آلاف من الملائكة ليسوا منزلين فقط بل مسومين أي معلمين عَلَم الجهاد وعَلَم القتال، وهذا أبلغ من مجرد الإنزال، فالله تعالى تكفل بالزيادة وهذا يعود إلى الكمية، وتكفل بالقوة والشجاعة وهذا يعود إلى الكيفية.

وقوله: {مُسَوِّمِينَ} أي: معلمين بعلامات القتال؛ لأن العادة أن الشجعان يجعلون لهم علامات فوق لأمة الحرب حتى يعرف بها الشجاع من غيره، وهذه الآية أو هذا الإمداد اختلف أهل العلم هل كان هذا في بدر أو في أُحد؟ فإن كان في بدر ففيه إشكال حيث إن الله تعالى ذكر أن الله أمدهم في بدر بألف من الملائكة فقال: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: ٩] وهنا قال: ثلاثة آلاف وخمسة آلاف لكن جمعوا بينهما بأنه لا مانع أن الله استجاب لهم فأمدهم بألف من الملائكة ثم زيد فيها إلى ثلاثة آلاف، ثم زيد فيها إلى خمسة آلاف إذا تمّت الشروط، وبناء على هذا القول يكون قوله: {إِذْ تَقُولُ} متعلق (بنصر).

والقول الثاني: أن هذه الآية في أُحد وليست في بدر؛ لأن الذي في بدر كان الأمر فيها غير مشروط: {إذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} وفي هذه مشروط ولم يحصل الشرط فلم يحصل المشروط، أي أن

<<  <  ج: ص:  >  >>