للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يكفر. وهذا القول هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو ظاهر ما روي عن الصحابة. قال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة (١)، وعلى هذا فيكون الكفر هنا نوعًا من الكفر، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" (٢)، مع أن قتال المسلم لا يُخرج من الإيمان، كما قال الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: ٩] إلى قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠].

٢٠ - بيان غنى الله عزّ وجل عن كل أحد. فهو لم يأمر عباده بالعبادة من أجل أن ينتفع بها، كما جاء في الحديث القدسي، حديث أبي ذر الغفاري الطويل: "يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي، إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضروني" (٣). فالله عزّ وجل غني عنا، إنما أمرنا ونهانا لتستقيم أمورنا، وتصلح أحوالنا، ونسعد في الدنيا والآخرة. أما لو كنا على أفجر قلب رجل من الناس فإن ذلك لا يضر الله شيئًا، لكن لما كان بنو آدم قد أعطوا من


(١) رواه الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، رقم (٢٦٢٢).
(٢) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، رقم (٤٨). ورواه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر"، رقم (٦٤).
(٣) رواه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، رقم (٢٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>