فتبين أن شروط التوبة إذن خمسة، وقد قال بعض العلماء إنها ثلاثة، فأسقطوا الإخلاص، وأسقطوا أن تكون في وقت القبول، ولكن لابد من هذين الشرطين.
قال:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}(إلا) أداء استثناء، والذين مستثنى. والأصل في المستثنى أن يكون من جنس المستثنى منه. وإن خرج عن جنسه فهو على خلاف الأصل. ولابد من دليل يدل على أنه ليس من الجنس، ويسمى المستثنى الذي من غير الجنس استثناء منقطعًا. لكن الاستثناء هنا متصل قال:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} هذا مستثنى من قوله: {كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} إلى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} يعني إلا الذين تابوا من بعد الكفر بعد الإيمان، يعني فإن الحكم يختلف فيهم. والتوبة كما أسلفنا الرجوع من معصية الله إلى طاعته.
قال:{مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} المشار إليه ما سبق من الكفر. وأتي بإشارة البعيد لانحطاط مرتبته؛ لأن البعد قد يكون من عال وقد يكون من نازل، فإن كان البعد من عال، أشير إليه إشارة البعيد لعلوه فهو ثناء، وإن كان أشير إليه إشارة البعيد لدنوه وسفوله فهو قدح.
قال:{مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا}: يعني أصلحوا ما جرى، أو ما كان فعلهم سببًا في فساده، يعني أصلحوا ما أفسدوه مباشرة أو