للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه وجد في الجملة فعل شرط وجوابه. فعل الشرط قوله: {أَصَابَكُمْ} وجوابه قوله: {فَبِإِذْنِ اللَّهِ}، وقرن بالفاء لأنه جملة اسمية، وتقدير الكلام: فهو بإذن الله.

قال: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}:

يعني بالتقاء الجمعين التقاؤهما يوم أُحد، فإنه لما التقى الجمعان، وصارت النهاية أن هزم المسلمون واستشهد منهم سبعون رجلًا، وهذه تعتبر نكبة أمام الكفار؛ لأن الكفار سيكون لهم في هذا الحال سيطرة وعلو واستكبار كما وقع؛ فإن أبا سفيان قال في ذلك اليوم: (اُعْلُ هبل) فافتخر بعلو صنمه على المسلمين الذين يعبدون الله. وهذا الذي حصل يوم التقى الجمعان يقول الله عزّ وجل فيه: {فَبِإِذْنِ اللَّهِ}. بإذن الله القدري؛ لأن الله هو الذي قدّره، وإذن الله ينقسم إلى قسمين: إذن شرعي، وإذن كوني.

فما تعلق بالتكوين والخلق فهو إذن كوني؛ مثل قوله تعالى: {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي} [المائدة: ١١٠]، وما تعلق بالشرع فهو إذن شرعي، مثل قوله تعالى: {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (٥٩)} [يونس: ٥٩] وقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١] أي: إذن شرعي.

فإن قال قائل: فما الفرق بينهما؟

فالجواب: أن الفرق بينهما: أولًا: أن الإذن الشرعي يكون فيما يحبه الله، والإذن الكوني يكون فيما يحبه وما لا يحبه.

ثانيًا: أن الإذن الكوني يقع فيه المأذون به، والإذن الشرعي قد يقع وقد لا يقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>