للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {فَبِإِذْنِ اللَّهِ} أي: فهو كائن بإذن الله؛ والباء للسببية، ولذلك صحَّ أن يعطف عليه قوله: {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}.

وقوله: {وَلِيَعْلَمَ} اللام للتعليل، ولا يجوز أن تسكن اللام، فتقول: {وَلِيَعْلَمَ} لأن التي تسكن بعد حروف العطف هي لام الأمر، أما لام التعليل فهي مكسورة دائمًا.

وقوله: {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ} يعني الذين صدقوا الله في إيمانهم، وقالوا فيما أصابهم: إنه بقدر الله، ورضوا به، وتابوا إلى الله من أسبابه، وهي المعاصي والتنازع.

والعلم هنا علم ظهور وليس علم إدراك أي: وليعلمه بعد ظهوره، أما علمه قبل ظهوره فهو ثابت لله عزّ وجل؛ لأن الله علم كل شيء إلى يوم القيامة.

وأيضا هذا العلم علم يترتب عليه الثواب، أما علم الله السابق فإنه لا يترتب عليه الثواب، ولا يترتب عليه العقاب. هذان فرقان.

والفرق الثالث: أن هذا العلم علم بالشيء بعد أن يقع، فهو علم بأنه وقع، وأما العلم الأزلي فهو علم بأنه سيقع، وهناك فرق بين العلم بأنه وقع، وبين العلم بأنه سيقع.

هذه ثلاثة أوجه، وإلا فإن كثيرا من الناس يقول: كيف {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}؟ أليس الله قد علمهم من قبل؟ .

فنقول: بلى، علمهم؛ لكن العلم يختلف من هذه الوجوه الثلاثة.

ثم قال: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} يعني: يعلم المؤمنين، ويعلم الذين نافقوا، فيميز هذا من هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>