للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: ١٦٥]؟

قلنا: الجمع بينهما: أنّ إضافتها إلى الأنفس من باب إضافة الشيء إلى سببه؛ يعني أنتم السبب، وأما إضافتها إلى إذن الله فهي من باب إضافة الشيء إلى فاعله؛ فالذي قضى هذا هو الله، لكن السبب أنتم، وإذا انفكت الجهة زال التعارض، فالجهة في الآية الأولى سبب، والثانية: فعل وتقدير.

٢ - أن الله قد يقدّر على عبده المؤمن ما يكرهه لحكم عظيمة؛ لقوله: {فَبِإِذْنِ اللَّهِ} وفي الحديث الصحيح أن الله قال: "ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته، ولابد له منه" (١). فتأمل الآن أن الله عزّ وجل يفعل ما يكره المؤمن لكن لحكمة، وهو أنه قضى عزّ وجل بحكمته بالفناء على كل الخلق {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: ٢٦]، ويتفرع على هذه الفائدة: أن المقضي المكروه محنة للعبد، فعليه أن يعتبر وأن يصبر، حتى يكون من المؤمنين الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦].

ومن فوائد قوله عز وجل: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (١٦٧)}:

١ - إثبات النفاق في هذه الأمة؛ لقوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ


(١) رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع، رقم (٦٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>