للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَافَقُوا} أي: بعد إيمانهم، ولم يبرز النفاق إلا بعد غزوة بدر، وغزوة بدر كانت في السنة الثانية في رمضان، وحصل بها للمسلمين من العز ما جعل المنافقين يظهرون نفاقهم؛ لأنهم صاروا يخافون من المؤمنين فصاروا ينافقون، أي: يظهرون أنهم مؤمنون وما هم بمؤمنين.

٢ - التحذير من النفاق، وفي الآية الأولى: الترغيب في الإيمان، والذي يميز بين هذه وهذه هي قرينة الحال، فإن المنافقين سيأتي من أفعالهم أنهم في غاية الذم.

٣ - أن المنافقين من أكذب الناس؛ لقوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}، ويقولون: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ} وهم كاذبون في هذا؛ لأنهم يعلمون أنه سيكون قتال؛ لأن أعداء المسلمين جاءوا من بلادهم، وتركوا أهليهم، وتركوا بلادهم، وتركوا أموالهم، وهم في غاية الحنق على الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي غاية الاستعداد، فهل يعقل أن قومًا جاءوا على هذه الصفة يرجعون دون قتال؟ ! .

فقول المنافقين: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ} هم كاذبون فيه، ولهذا قال: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}.

٤ - أن القول عند الإطلاق ما تواطأ عليه القلب واللسان؛ لقوله: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} لأنه لو قال: {يَقُولُونَ}، لكان القول في الأصل ما تواطأ عليه القلب واللسان، لكن لما كان هذا القول يختلف فيه القلب عن اللسان قيّده بالأفواه، قال: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}، وبهذا التقدير يندفع عنا قولان: القول الأول: أن بعض المفسرين قالوا:

<<  <  ج: ص:  >  >>