للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} يعني: كما أنهم يأتون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقولون: نشهد إنك لرسول الله، ويذكرون الله فيقولون: لا إله إلا الله، ويحضرون بعض الصلوات على أنهم مسلمون، فهم -والعياذ بالله- يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم؛ فالذي في قلوبهم الكفر، والذي في أفواههم الإسلام.

قال تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} يعني: هو أعلم من غيره بما يكتم هؤلاء، ولهذا أبدى الله ما يكتمونه، وأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.

وفي قوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} خلاف بين المفسرين، فمنهم من قال: إن {أَعْلَمُ} بمعنى عالم، عالم بما يكتمون، خوفًا من أن تقع المفاضلة بين علم المخلوق وعلم الخالق؛ لأنك إذا جئت بأفعل التفضيل فإن مقتضى ذلك أن يكون بين المفضل والمفضل عليه اشتراك في الأصل، ولكن المفضل زاد على المفضل عليه، ولهذا تجدهم في مثل هذه الآية {وَاللَّهُ أَعْلَمُ}؛ يفسرون أعلم بعالم؛ أي: والله عالم بما يكتمون. وقوله: {أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ}: أي: بما يخفون في نفوسهم من الكفر، وأما ما يظهرون من الإسلام فهو معروف للمسلمين وغير المسلمين. والله عالم بما يكتمون.

ولكن هذا القول ضعيف.

أولًا: لأنهم صرفوا اللفظ عن ظاهره؛ لأن اللفظ باسم التفضيل، والمعنى الذي أثبتوه باسم الفاعل، وبينهما فرق، ولا يجوز أن نصرف القرآن عن ظاهره إلا بدليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>