للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطريق انخذل عبد الله بن أبيّ بنحو ثلث الجند، ولحقهم من لحقهم من المؤمنين، يوبخونهم ويأمرونهم بالرجوع (١).

وقوله تعالى: {وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا} يعني: فإما قتال في سبيل الله، أو دفاع عن أوطانكم. فالقتال في سبيل الله قتالٌ يعتبر جهادًا، يثاب عليه المقاتل ثواب المجاهد، وقتال الدفاع بحسب نية المقاتل، فهم قيل لهم: تعالوا قاتلوا في سبيل الله جهادًا، أو ادفعوا عن أوطانكم. ولو رجعوا لما قاتلوا إلا دفاعًا، لعدم إيمانهم بما في سبيل الله.

وجملة {وَقِيلَ لَهُمْ} إما أنها معطوفة على (نافقوا)، أو أنها جملة حالية على تقدير (قد)؛ أي: وقد قيل لهم.

وقوله: {قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ}: (لو) سبق الكلام عليها، وأنها في مثل هذا السياق تكون شرطية.

ومرادهم من هذه المقولة تبرير رجوعهم من الجيش، فهم يقولون: نحن معكم، لكن ما نعلم أنه يكون قتال. وهذه قولة رجل مخذول جبان، والإنسان الشجاع هو الذي يقول: نعم نأتي لنقاتل أو ندفع، ثم إن حصل قتال فنحن مستعدون، وإن لم يحصل رجعنا من حيث جئنا.

وقوله: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ} (يومئذٍ): أي: في هذا الوقت أو في هذا اليوم الذي انصرفوا فيه، وانخذلوا عن المسلمين، هم للكفر أقرب منهم للإيمان، وإن كان فيهم شيء من الأيمان، ولعل هذا في بعضهم، لكن هم للكفر أقرب.


(١) تقدم تخريجه (ص ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>