للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول: للتخفيف، والثاني: التيمن بالبداءة باسم الله.

نادوا الله تعالى عند الدعاء باسم الربوبية؛ لأن الربوبية هي التي فيها التصرف، وإجابة الدعاء من باب الربوبية، فتوسلوا باسم الله الذي يناسب ما يطلبون وهو إجابة الدعاء.

{اغْفِرْ} يعني استو وتجاوز؛ لأنه مأخوذ من المغفر وهو ما يقي به المقاتل رأسه من السهام، في المغفر الستر والوقاية، ولهذا لو أن الله سبحانه وتعالى هتك ستر المذنب لم تكن مغفرة تامة، ولو عذبه به وأخفاه عن الناس لم تكن مغفرة تامة، فإذا ستره وعفا عنه صارت المغفرة تامة.

{ذُنُوبَنَا} أصل مادة "الذال والنون والباء" تدور حول معانٍ متعددة منها النصيب كما قال تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} [الذاريات: ٥٩] أي نصيبًا. ومنه سمي ذنوب الماء، أي: الدلو؛ لأنه شيء مقدر من الماء، ويطلق الذنب على الإثم؛ لأنه نصيب العامل {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧، ٨].

{وَإِسْرَافَنَا}:

الإسراف: مجاوزة الحد، ومجاوزة الحد هي إما في غلو وإما في تقصير، أما مجاوزة الحد في الغلو فظاهر، وأما في التقصير فلأن المطلوب من المكلف ألا يتعدى حدود الله تجاوزا ولا يقربها أيضًا، فإذا كان الإنسان فاعلًا للمحرم فهو مسرف؛ لأنه تجاوز حد العبودية إذ مقتضى العبودية أن يكون مجتنبًا لما حرّم الله. وإذا فرَّط في الواجب كان مسرفًا أيضًا فيما تقتضيه العبودية؛ لأن مقتضى العبودية أن يكون قائمًا بالواجب، فالإنسان

<<  <  ج: ص:  >  >>