للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمصدر الموافق لتقبل (تقبلًا)، أما (قبول) فهو في هذا الموضع اسم مصدر وليس بمصدر كقوله: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: ١٧]. ولم يقل: إنباتًا، لكن هل تَقَبَّلَ وقَبِل بمعنى واحد أو أن في تقبَّل شدة عناية ومبالغة؟ قولان: قيل: إن تَقَبَّل بمعنى قَبِل كتعجَّب بمعنى عجب، وتبرَّأ بمعنى برئ، تقول: تبرأ من فلان بمعنى برئ منه، والقول الثاني: أن تَقَبّل أبلغ من قَبل، وذلك أن الغالب أن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ففيها شدة العناية والمبالغة.

وقوله تعالى: {رَبُّهَا}، الربُّ: بمعنى الخالق، المالك، المدبر، فإذا أضيفت الربوبية لله فهذا معناها، أنه الخالق فلا خالق غيره، والمالك فلا مالك غيره، والمدبر فلا مدبر غيره، وهذا النفي باعتبار الإطلاق فلا خالق على سبيل الإطلاق إلا الله، وإذا أضيف الخلق إلى غيره فإنما هو باعتبار التغيير والتصيير لا باعتبار الأصل. فخلق الباب من الخشبة ليس أصليًا بل هو تغيير وتصيير، صيَّر الخشبة بابًا فقال: خلقهُ، لكن أصل هذا الخشب إنما خلقه الله عزّ وجل، ولا يستطيع أحد من الخلق أن يخلق خشبة واحدة ولا غصن شجرة. فالمالك على الإطلاق هو الله، وإضافة الملك لغير الله إضافة جزئية، وإلا فقد قال الله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦]، فأضاف الملك إلى الإنسان، وقال تعالى: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} [النور: ٦١]، فأضافه أيضًا إلى الإنسان؛ لكن هذا ملك مقيد غاية التقييد. والمدبر كذلك، فالتدبير على إطلاقه هو لله عزّ وجل، أما الإنسان فإنه وإن أضيف إليه التدبير فهو تدبير خاص محصور على

<<  <  ج: ص:  >  >>