للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كل حال. وربوبية الله نوعان: عامة، وخاصة {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} [مريم: ٦٥] هذه عامة، الخاصة مثل: {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} [الأعراف: ١٢٢]، وهنا {رَبُّهَا} من الخاصة. واعلم أن كل خاص من الربوبية والمعية والسمع والبصر وما أشبه ذلك مما قال العلماء إنه ينقسم إلى عام وخاص، أن الخاص يتضمن العام ولا عكس. فكل من كان الله ربه وجه الخصوص فهو ربه على وجه العموم، وكل من كان الله معه على وجه الخصوص فهو معه على وجه العموم، وكل من سمعه الله على وجه الخصوص فقد سمعه على وجه العموم، وهلم جرًّا. وهنا أضاف الربوبية إلى مريم؛ لأنه عزّ وجل تقبلها هذا القبول الحسن.

وقوله تعالى: {بِقَبُولٍ حَسَنٍ}.

والقبول الحسن من الله أنه سبحانه وتعالى يسَّرها لليسرى وسهَّل أمرها وجعلها من خيرة نساء العالمين، حتى ألحقها بالرجال في صلاحها، فقال: {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: ١٢]، وتأمل أنه قال: من القانتين، ولم يقل: من القانتات؛ لأنه كما جاء في الحديث: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا قليل" (١).

وقوله: {وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا}، يعود إلى المعنى، وقد يعود إلى الحس، فالمعنى: أنبتها نباتًا حسنًا يعني في كمال


(١) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا ... } رقم (٣٤١١). ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، رقم (٢٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>