وقوله:{مِنَ اللَّهِ}، بيان لابتداء الأمر وليست للتبعيض، فالكلمة هنا ليست بعضًا من الله بل منشؤها منه.
{وَسَيِّدًا} معطوفة على {مُصَدِّقًا} فتكون منصوبة على الحال، والسيد مَنْ ساد غيره وشرف عَليه بالعلم والدين والخلُق والمعاملة، وقولنا الخلق: يشمل كل خلق يسود به الإنسان غيره من الجود والشجاعة والإيثار وغير ذلك، فيكون جامعا لصفات الكمال الممكنة في المخلوق. وكذلك أيضًا قال في وصفه {وَحَصُورًا} حصورًا معطوفة على {مُصَدِّقًا} فهي منصوبة على الحال، (حصورًا) فعول بمعنى فاعل أي حاصرًا نفسه عن أراذل الأخلاق، فيكون هذا المبشر به موصوفًا بصفات الكمال الدال عليها قوله:{سَيِّدًا} ومبرَّأً من النقص وسوء الأخلاق الدال عليه قوله: (حصورًا)، فيكون جمع له بين النفي والإثبات، وذلك لأن الإنسان لا يكمل إلا بوجود صفات الكمال وانتفاء صفات النقص، وهو أمر نسبي.
وأما من قال من المفسرين: إن الحصور هو الممنوع عن إتيان النساء يعني لا يستطيع على النساء؛ فإن في هذا نظرًا واضحًا؛ لأن عدم قدرة الإنسان علي النساء ليس كمالًا إذ إن ذلك ليس منه بتخلق ولكنه عيب. وفيها قول آخر: أنه لا يأتي من النساء من لا تحل له فيكون وصفًا له بكمال العفة، وهذا يمدح عليه الإنسان. لكن ما قلناه أشمل من هذا القول. ومعلوم أنه إذا وجد معنى أشمل فهو مقدم على المعنى الأقل؛ لأن الأقل داخل في الأشمل لا العكس.
(١) انظر كتاب: القول المفيد على كتاب التوحيد ١/ ٧٣.