ذلك على وجهه، ألم تر إلى وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - حين دخل مجزز المدلجي على أسامة بن زيد وزيد بن حارثة وعليهما كساء لم يبد منه إلا أقدامهما، فنظر إلى أقدامهما وقال: ان هذه الأقدام بعضها من بعض، فدخل النبي عليه الصلاة والسلام على عائشة تبرق أسارير وجهه، تأثر بالخبر السار (١). ولهذا الإخبار بما يسوء بشرى؛ لأن البشرة تتأثر بذلك، ومنه قوله تعالى:{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[التوبة: ٣٤]، وقوله تعالى:{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[النساء: ١٣٨].
قال الله تعالى:{بِيَحْيَى}.
(بيحيى) هذا المبشر به، ويحيى: قيل إنه من الحياة والله سماه بذلك إشارة إلى أنه سيحيا ويبقى، وعلى هذا فهو ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل.
{مُصَدِّقًا}: حال من يحيى. {بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ}: هو عيسى ابن مريم يعني مصدقًا بعيسى؛ لأن عيسى كلمة من الله، وسمي بذلك لأنه كان بكلمة الله ولم يكن من أب كما يكون البشر، قال الله تعالى:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[آل عمران: ٥٩]. خلقه: أي آدم من تراب، ثم قال له: كن فيكون، ولهذا سمي عيسى بالكلمة؛ لأنه كان بكلمة الله وليس هو كلمةَ الله؛ لأن كلمة الله وصف لله عزّ وجل، فالكلام وصف للموصوف، ولا يمكن أن يكون
(١) رواه البخاري، كتاب المناقب، باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (٣٥٥٥). ورواه مسلم، كتاب الرضاع، باب العمل بإلحاق القائف الولد، رقم (١٤٥٩).