للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير لائقة به، بل المرجع في هذا إلى الكتاب والسنة في التفصيل، أما في الإجمال، فالعقل يدل على أن الربَّ لابد أن يكون كاملًا.

أما الصفات المنفية: فإنه لا يُراد بها مجرد النفي، بل المراد انتفاء هذه الصفة لثبوت كمال الضد، فإذا نفى أن يكون ظلّامًا للعبيد فذلك لكمال عدله، وإذا نفى أن تأخذه سِنةٌ ولا نوم فذلك لكمال حياته وقيوميته، وإذا نفى أن يصيبه لغوب فذلك لكمال قوته، وهكذا، ويجب أن نعلم أنه لا يمكن أن يوجد في صفات الله نفيٌ مجرَّد، وهذه قاعدة: (لا يوجد في صفات الله نفي مجرَّد) والدليل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النحل: ٦٠] والنفي المجرد ليس مثلًا أعلى، المثل الأعلى أي: الوصف الأعلى والأكمل، والنفي المجرد عدم، والعدم ليس بشيء فضلًا عن أن يكون وصفًا أعلى.

ثانيًا: أن النفي المحض قد يكون لعجزِ الموصوف عنه، وقد يكون لعدم قابليته لهذا المنفي، أي معناه: نفينا عنه هذا الشيء لأنه عاجز لا يستطيع أن يفعل هذا الشيء الذي نفيناه عنه، وقد يكون لعدم قابليته لهذا الشيء، فمثلًا: إذا قال قائل: فلان رجل حُبَيِّب لا يظلم الناس ولا يعتدي عليهم، نعرف من هذا الكلام عجزه، ولهذا قلنا: (حُبيب)، و (حبيب) عند الناس كلمة تصغير وتحقير، وهذا كقول الشاعر:

قُبَيِّلة لا يغدرون بذمَّةٍ ... ولا يظلمون الناس حبَّة خردلِ

وقد يكون النفي لا يتضمن كمالًا، كأن يكون لعدم القابلية، يعني أن ما نفي عنه هذا الوصف ليس لكماله ولكنه لا يقبل هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>