للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصف ولا يقدر عليه، وقد مثَّل العلماء لذلك بأن تقول: إن جداري لا يظلم، فقولك: الجدار لا يظلم ليس بمدح؛ لأنه لو أراد أن يظلم لم يقدر.

فالقاعدة: أنه (لا يوجد في صفات الله نفي محض، بل كل ما نفى الله عن نفسه فهو متضمِّنٌ لكمالٍ).

٣ - أن الله يخبر عما يخبر من صفاته لتطمين الخلق؛ لقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} حتى يطمئن الإنسان أنه لن يجازى إلا بعمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.

٤ - جواز إطلاق البعض على الكل إذا وجدت قرينة تدل عليه؛ لقوله: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} فاليد بعض من الإنسان لكن (القرينة) تدل على أن المراد الكل يعني (بما قدمتم)، ونظيرها في صفات الله قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: ٧١]، هل نقول: إن الله خلق الإبل مثلًا بيده كما خلق آدم؟ الجواب: لا، فيكون المراد: (مما عملت أيدينا) أي: مِمَّا عملنا؛ لأن الله لم يخلق الإبل بيده كما خلق آدم، ولكن لا يعني هذا أن الآية ليس فيها دلالة على ثبوت اليد لله، بل فيها دلالة على ثبوت اليد لله تعالى؛ لأنه لولا أن له يدًا ما صحَّ أن يضيفها إلى نفسه.

٥ - ومن فوائدها: إمكان الظلم من الله لولا أن الله نفاه عن نفسه في قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}، لأنه لو كان الظلم غير ممكن في حقِّه، لم يصح أن يمتدح بتركه عزّ وجل، إذ لا يتمدَّح بترك شيء إلا إذا كان تَرَكه اختيارًا، أما لو كان مستحيلًا في حقه، لم يكن للتمدُّح به فائدة، وبناءً على هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>