للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتقوى مأخوذة من الوقاية، وهي اسم جامع لفعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، فإن ذُكرَت مع البر اختصت بالمناهي، واختص البر بالأوامر، كقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] أي: فعل الأوامر واجتناب النواهي، أما إذا ذُكرت التقوى وحدها فهي شاملة لفعل الأوامر واجتناب النواهي، ولفظها يدل على هذا، لأنها مأخوذة من الوقاية، ولا وقاية من عذاب الله إلا بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، هذه هي التقوى، وقال بعض العلماء: (التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله)، فجمع بين العلم والعمل والاحتساب.

أن تعمل بطاعة الله: هذا هو العمل، على نور من الله: وهذا هو العلم، ترجو ثواب الله: وهذا هو الاحتساب.

وأن تترك ما نهى الله عنه على نور من الله، تخشى عقاب الله، أيضًا جمع بين العلم والعمل والاحتساب.

وقال آخرون في تعريف التقوى:

خلِّ الذنوب صغيرها ... وكبيرها ذاك التقى

واعمل كماشٍ فوق أر ... ض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرَنَّ صغيرةً ... إن الجبال من الحصى

وهذا أيضًا لا يُنافي ما سبق، لكن اختلاف في التعبير.

وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}.

هنا قال: {فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} ولم يقل: (فإن الله يحبه)، ومثل هذا التعبير يُسمى الإظهار في موضع الإضمار. والإظهار في موضع الإضمار له فوائد، منها:

أولًا: تنبيه المخاطب. ووجه ذلك أن الكلام إذا كان على

<<  <  ج: ص:  >  >>