للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمعنى (من) أي يروَى بها عباد الله. وهذا المعنى أصح لأنه إذا ضُمِّنت يشرب معنى يروى فإنه لا ري إلا بعد شرب، وعلى هذا يكون الفعل (يروى) دالًا على معنى الشرب وزيادة. لكن إذا قلت يشرب على ظاهرها والباء بمعنى (من) لم نستفد هذه الفائدة، وهي الرِّيُّ.

وقوله: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} الجملة حال من الواو في قوله: (يقولون) يعني يقولون وهم يعلمون أنهم كاذبون، فيكون قولهم أشد من قول من يقول الكذب وهو لا يعلم أنه كذب.

ثم قال الله عزّ وجل: {بَلَى} و"بلى" حرف إبطال -في هذا المقام أو في هذا السياق- لِما قالوه وهو {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} أي: بلى عليهم سبيل؛ لأنهم إذا خانوا الأمانة فإن عليهم السبيل، وكل من خان أمانته فعليه السبيل هم أو غيرهم، فتكون (بلى) حرف جيء به لإبطال ما ادَّعوه في قولهم: ليس علينا في الأميين سبيل.

ثم قال: {مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى} الجملة هذه استئنافية، و {أَوْفَى} بمعنى أتم، فهي فعل ماض، وليست اسم تفضيل من {أَوْفَى} يعني أتم بعهده أي بما عاهد عليه غيره {وَاتَّقَى} الله في هذا الإيفاء، فإن الله يحب المتقين.

والعقد عهد، فإن كلًا من المتعاقدين يُعاهد الآخر على إتمام ما تمَّ العقد عليه، وإن لم يذكرا العهد باللفظ، لكن هذا مقتضى العقد. أني إذا تعاقدت معك أن أفي لك بما تم العقد عليه، فيكون كل عقد عهدًا.

(اتقى) الله بوفائه بالعهد. ومن اتقائه الله أن لا يخون،

<<  <  ج: ص:  >  >>