والتنبه؛ لأن بعض الناس إذا رأى أن شخصًا كره فلانًا لتطبيقه السنة قال: هذا كره ما أنزل الله، فهذا كافر، وهذا خطأ عظيم. والكفر ليس نقدًا سهلًا تعطيه من شئت وتمنعه عمن شئت، الكفر أمره صعب جدًا، لا يجوز أن نكفر إلا من تيقَّنا أنه صدق عليه أنه كافر. ولهذا ربما يكره الإنسان هذا العمل من شخص ولا يكرهه من شخص آخر، إذن هو لا يكره العمل لأنه سنة، لكن قد يكره هذا الرجل نفسه لأنه عمل به، لو أن أحدًا من الناس الموثوقين عند العامة فعل هذا الفعل لوجدتهم يأخذون به، أو على الأقل لا ينكرونه، لكن لو فعله واحد غير موثوق به ينتقدونه ويكرهونه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"ومن دعا رجلًا بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه"(١)، ومعنى (حار عليه) أي: أنه سيكفر إلا أن يمن الله عليه بتوبة؛ لأنه قال:(إلا حار عليه) ولم يقل: إلا أوشك أن يحور عليه. كل هذا من أجل حماية أديان الناس، فإذا كان الشرع يحمي أعراض الناس بأن من قذف شخصًا وجب عليه الحد ثمانين جلدة، فأديان الناس حماها أيضًا. فالواجب ألا نتسرع في هذه الأمور، وأن نعلم أن الأمر عظيم، ويسعك ما دلَّ عليه شرع الله عزّ وجل، فمن كفَّره الله ورسوله فكفِّره. ومع ذلك إذا جاء نصٌّ يقول: من فعل كذا فهو كافر، فلا نطبق هذا الحكم على كل من فعله بعينه، كما أننا لا نشهد بالجنة لكل مؤمن بعينه إلا لمن شهد له الرسول - صلى الله عليه وسلم -. فكذلك أحكام الكفر كأحكام الإيمان تمامًا، واعلم أنك إذا
(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، رقم (٦١).