للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكن الدين لا يكون إلّا في عمل يرجو الإنسان ثوابه، أي يرجو أن يُدان به، ولهذا يُقال: "كما تُدين تُدان".

وقوله: {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}:

الفاء رابطة للجواب {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}: أي ذلك الدين.

لم يقل: (فلن يقبل الله منه)، ليعم الرفض والرد من الله عزّ وجل، ومن الرسول، ومن المسلمين، ولهذا لا يجوز للمسلمين أن يُقِرُّوا أحدًا على دين خلاف شريعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

والمراد بالقبول هنا قبول الصحة، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما أخرجه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" (١)، أي: مردود.

فمن دان بغير الإسلام، سواء في الأصل أو في الفرع، فإن دينه هذا مرفوض، ومردود، ولن يُقبل منه، ولا يُعطى ثوابًا في الآخرة على عمله.

ولهذا قال: {وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: وهذه والله هي الخسارة العظيمة، أن يعيش الإنسان في الدنيا ما شاء الله أن يعيش ثم لا يكتسب ما ينفعه في الآخرة، فإذا قدم إلى ربه لم يجد شيئًا كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ} [النور: ٣٩]، (القيعة) يعني: الأرض المستوية الواسعة، هذه الأرض إذا كانت في شدة الحر يتراءى للإنسان من بعيد أن فيها ماء يسمى (السراب)، فإذا جاء الإنسان ظمآنًا رأى هذا السراب


(١) رواه مسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد المحدثات من الأمور، رقم (١٧١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>