للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي كأنه ماء بحر، فرح، وأسرع إليه، حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، فصارت خيبة الأمل بعد قوة الرجاء. وهذا أشد ما يكون حسرة على الإنسان، أن تكون خيبة أمله عند قوة رجائه؛ لأن الإنسان لو لم يرجُ من الأصل لهان عليه الأمر، لكن المشكلة كونه يرجو ثم ينتكس، هذا يكون أشد. نسأل الله العافية. {حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [النور: ٣٩] .. كل من لم يَدِن بالإسلام فإنه في الآخرة خاسر .. {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣].

وقوله: {وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} يشمل خسارة النفس، وخسارة المال، وخسارة الأهل.

أما خسارة النفس فإنه لن يستفيد من عمله شيئًا، وأما خسارة المال فإنه لو أنفق ماله كله فيما ينفع الخلق، لم ينتفع به في الآخرة، أي لو أصلح الطرق، وبنى المساجد، وبنى المدارس، فإنه لا ينفعه، أظنكم لا تتوقَّعون أن يكون هذا من الكافر الصريح أن يبني المساجد والمدارس، لكن يكون من الكافر المرتد، فرجلٌ مثلًا لا يُصلِّي لكنه صاحب خير، يبني المساجد، ويبني المدارس ويُصلح الطرق، ويُطعم المساكين، لكنه لا يُصلِّي، لا ينتفع بشيء من هذا العمل لأنه كافر، والكافر لن ينفعه عمله يوم القيامة أبدًا.

وخسارة الأهل أنهم لا ينتفع بهم في الدنيا، لو دعَوا له لم ينتفع بذلك؛ لأن الله يقول: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: ١١٣] ولا ينتفعون بالدعاء. كذلك في

<<  <  ج: ص:  >  >>