ذلك المذكور، فطوى ذكر هذه السبعة كلها، وكنَّى عنها بالمذكور، وذلك لاحتقارها بالنسبة لنعيم الآخرة.
وقوله:{مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، أي: المتعة التي يتمتع بها الناس في الحياة الدنيا، وغايتها الزوال، فإما أن تزول عنها، وإما أن تزول عنك، أما أن تخلد لك أو تخلد لها، فذلك مستحيل، لابد أن تفارقها أو أن تفارقك هي، وهذا أمر لا يحتاج إلى إقامة برهان، فهذه الأشياء لو اجتمعت كلها للمرء فما هي إلَّا متاع الحياة الدنيا، يتمتع بها الإنسان ثم يفارقها أو تفارقه هي.
وقوله:{الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بخلاف الحياة الأخرى، وهي الحياة الحقيقية، قال الله تعالى:{وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ}[العنكبوت: ٦٤]، أما الدنيا فهي حياة بسيطة ليست بشيء، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لموضع سوط أحدكم في الجنَّةَ خير من الدنيا وما فيها"(١)، وموضع السوط حوالي متر، و (خير من الدنيا وما فيها) الدنيا منذ خلقت إلى يوم القيامة بكل ما فيها من نعيم، وذلك لأن نعيم الدنيا في الحقيقة كأحلامنا، واعتبر الأمر بما مضى من عمرك.
و(دنيا): مؤنث أدنى، ووصفت بهذا الوصف لدنو مرتبتها بالنسبة للآخرة، فليست بشيء بالنسبة للآخرة. {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى}[الضحى: ٤]، وكذلك سميت دنيا لأنها أدنى من الآخرة باعتبار الترتيب الزمني، فهي دنيا، أي: قريبة للناس.
(١) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل رباط يوم في سبيل الله، رقم (٢٨٩٢).