للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتشترى، وحذف المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو الشراء، هذا على أنها مكنية، وتصريحية تبعية معناها: أنها تجري مجرى الاستعارة بالفعل أو اسم الفاعل، يعني بالشيء المشتق، فهنا {اشْتَرَوُا} بمعنى اختاروا، فشبَّه الاختيار بالشراء ثم اشتق من لفظ الشراء (اشتروا) على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.

وقوله: {اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ} فإذا قال قائل: هم لم يؤمنوا؟ قلنا: لكن اختيارهم للكفر أخرجهم من الفطرة التي كانوا عليها، وهي التوحيد فهم اشتروا الكفر بعد الإيمان وقد سبق معنى الكفر.

أما الإيمان فإنه في اللغة قيل: التصديق، واستدلوا لذلك بقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: ١٧] وقيل: الإقرار، والإقرار أخص من التصديق، واستدل هؤلاء بأن الكلمة إذا كانت بمعنى الكلمة فلابد أن تتعدى بما تتعدى به، ومن المعلوم أن الإيمان لا يتعدى كما يتعدى التصديق، فإنك تقول: صدقته ولا تقول: آمنته. إذن فليس معناهما واحدًا، فمعنى الإيمان الإقرار، هذا في اللغة. أما في الشرع فهو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، فليس مجرد الإقرار إيمان، بل لابد أن يقبل ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويذعن له، ولهذا لم يكن أبو طالب مؤمنًا مع أنه مقر بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكنه لم يقبله ولم يذعن له فلم يكن مؤمنًا، وإذا كان هذا هو الإيمان أي الإقرار المستلزم للقبول والإذعان، فإنه يتضمن جميع شرائع الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة: أن الإيمان شامل للاعتقاد وقول اللسان وعمل الجوارح وعمل القلب، أربعة أشياء كلها من الإيمان.

{لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} كالآية السابقة تمامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>