للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحاولان أن يصداه عن طاعة الله، حتى إذا أعانه الله على ذلك تغلب على هذين العدوين، وفعل ما أمر الله به.

وأما الصبر عن المعصية، لاسيما مع قوة الداعي لها، وعدم المعارض؛ فإنه لا ينجو منها إلا من عصمه الله؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في جملة من يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله قال: "رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله" (١). ومن ذلك صبر يوسف عليه الصلاة والسلام، عندما دعته امرأة العزيز، وهي سيدته، لكنه عليه الصلاة والسلام رأى برهان ربه، فعصمه الله عزّ وجل.

ومن ذلك الرجل الإسرائيلي الذي كان يراود ابنة عمه عن نفسها، وتأبى عليه. فلما ألمّت بها سَنَةٌ جاءت إليه، ومكَّنته من نفسها، فلما جلس منها مجلس الرجل من امرأته، قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقام عنها وهي أحب الناس إليه، لكن لما ذكرته بالله عزّ وجل اتقى الله (٢).

وأما الصبر على أقدار الله المؤلمة، وهذا كثير، ومن ذلك صبر أيوب عليه الصلاة والسلام، فإنه صبر صبرًا عظيمًا، قال تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: ٤٤] ومن ذلك أيضًا: الصبر على أقدار الله المؤلمة المترتبة على طاعة الله، كصبر الرسل على أذية الناس من أجل الدعوة إلى الله. فهؤلاء


(١) تقدم تخريجه (ص ٨٥).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الإجارة، باب من استأجر أجيرًا فترك أجره، رقم (٢٢٧٢). ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة، والتوسل بصالح الأعمال، رقم (٢٧٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>