وقال:"عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا"(١).
والصديقية مرتبة تلي مرتبة النبوة، فهي في المرتبة الثانية {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}[النساء: ٦٩].
وأما صدق الفعل: فهو أن لا يظهر خلاف الباطن، فمن يظهر لك المودة وقلبه يبغضك، أو يظهر أنه مؤمن ويصلي ويتصدق ويحضر مجالس العلم، لكن قلبه منطوٍ على الكفر -والعياذ بالله- فهذا كاذب كذبًا فعليًا، حيث أظهر خلاف ما يبطن.
فالأول كاذب مع عباد الله. والثاني كاذب مع الله.
والحاصل: أنَّ الصدق خُلُق عظيم، لا يناله إلا من وفَّقه الله ممن أنعم الله عليهم، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا.
وقوله تعالى:{وَالْقَانِتِينَ}:
القانتون: اسم فاعل من القنوت، والقنوت يطلق على عدة معان، وأنسبها لهذه الآية أن المراد بالقنوت: دوام الطاعة مع الخشوع والخضوع لله عزّ وجل، بحيث يكون الإنسان مديمًا
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} وما ينهى عن الكذب، رقم (٦٠٩٤). ومسلم، كتاب البر والصلة، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله، رقم (٢٦٠٧).