للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لهذا نقول عند الإعراب: (يغرن) فعل مضارع مبني على الفتح في محل جزم لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة.

وقوله: {لَا يَغُرَّنَّكَ} الخطاب هنا يحتمل أن يكون للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون لكل من يتأتى خطابه، والقاعدة في التفسير: أنه إذا كانت الآية تحتمل معنيين متباينين لكن لا يتناقضان حملت عليهما جميعًا، وإذا احتملت معنيين أحدهما أعم حملت على الأعم؛ لأن الأخص يدخل في الأعم ولا عكس، فهنا إذا قلنا: إن الخطاب خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجنا عنه بقية الأمة، وإذا قلنا: إن الخطاب عام لكل من يتأتى خطابه صار شاملًا للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولغيره، وعلى هذا فيكون الخطاب هنا عام يعني {لَا يَغُرَّنَّكَ} أيها الرائي الذي ترى تقلب الكفار في البلاد، لا يغرنك هذا.

وقوله: {تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا} التقلب يعني التردد، أي ترددهم في البلاد وتقلبهم من بلد إلى آخر، وتقلبهم في التجارات وفي أنواع الصناعات وفي غيرها مما فتح الله عليهم، فهذا لا يغرك، ووجه الغرور الذي قد يحصل هو أن الإنسان قد يغتر بهذا الذي أعطاهم الله عزّ وجل، فيصنع مثل صنيعهم، أو يظن أن إعطاء الله إياهم هذا الشيء دال على أنه لا ينكر ما هم عليه، ولو أنكر ما هم عليه لم يمكِّنهم مِن التقلب في البلاد. وعلى هذا فيكون وجه الغرور من وجهين:

الوجه الأول: ظن أن ما هم عليه حق؛ لأنه يقول: لو كان باطلًا ما مكَّنهم الله تعالى من هذا التقلب.

الوجه الثاني: أن يفعل مثل فعلهم، كما انخدع كثير من

<<  <  ج: ص:  >  >>