للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - أن المؤمن قد يضيِّق الله عليه في الرزق أحيانًا ليرجع إليه بخلاف الكافر، وإنما قلت ذلك لئلا يقول قائل: أفليس قد قال الله: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: ٩٦]، نقول: إن المؤمنين هم الذين يبتلون بالضراء من أجل أن يرجعوا إلى الله عزّ وجل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: ٤١]، أما الكفار فقد تمهد لهم الدنيا ويعطون ما يريدون وتكون جنتهم دنياهم بخلاف المؤمنين.

٥ - أن الدنيا مهما أعطي الإنسان فيها من النعيم فإنها متاع قليل، قليل في زمنه، وفي كميته، وفي كيفيته، لكن الآخرة خلاف ذلك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها" (١)، "السوط" متر أو أقل، خير من الدنيا وما فيها، وليست الدنيا الحاضرة فقط بل خير من كل الدنيا وما فيها من أولها إلى آخرها. وإلى هذا يشير قوله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: ١٦ - ١٩].

٦ - الحذر من لعب أعداء المسلمين بالمسلمين حيث يغرونهم بوسائل الترفيه، ويفتحون لهم وسائل الترفيه ليلهوهم عما خلقوا له من عبادة الله، وعما ينبغي أن يكونوا عليه من العزة والكرامة، فإن هذه الوسائل "الترفيهية" هي في الحقيقة حَبٌّ مسموم للدجاج، والحب المسموم للدجاج تغتر به؛ تجده حبًّا


(١) تقدم تخريجه (ص ٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>