للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها الحال كما تأتي من المعرفة، والنزل اسم جامد وليس بمشتق، فإن قيل: إن الحال لا يكون جامدًا بل لابد أن يكون مشتقًا.

فالجواب أن يقال: إنه قد تأتي الحال جامدة، لكنها مؤولة بالمشتق، يعني: أنهم مكرمين بهذا النزل.

والنزل اسم لأول ما يقدم للضيف من الطعام، ومعلوم أن أول يوم للضيف يقدم له أطيب وأحسن شيء، فجعل الله هذه الجنة كلها نزلًا لا يختلف آخرها عن أولها بخلاف نُزل الضيافة في الدنيا، فإنه يكون أول يوم من أطيب ما يكون ثم يقل في اليوم الثاني وهكذا.

وقوله: {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}:

أي: أن هذا النُزل ليس من فلان أو فلان بل من عند أكرم الأكرمين وأجود الأجودين وهو الله، والنُزل من الأكبر يكون عظيمًا وكريمًا وكثيرًا.

قال: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}:

(ما) اسم موصول، ولا يمكن أن تكون نافية؛ لأن المعنى يفسد كثيرًا، لو قلت (ما) نافية صار المعنى: ليس عند الله خير للأبرار، وهذا كذب، فهي (ما) الموصولة، يعني والذي عند الله خير فتكون مبتدأ "وخير" خبره.

يعني: وما عند الله خير مما ذكر من وصف الجنات، وهذا كقوله تعالى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: ٣٥] ففي الجنة أكثر مما يتمناه الإنسان وأكثر مما يتصوره؛ وهو النظر إلى وجه الله عزّ وجل، فإن النظر إلى وجه الله أعظم ما يكون من النعيم،

<<  <  ج: ص:  >  >>