نقص ينزه الله عنه، فتعيَّن أن يكون ذلك في العلو {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ}.
٦ - أن الجزاء من جنس العمل، فإن هؤلاء لما كانوا بررة كثيري الخيرات كان لهم عند الله هذا النزل العظيم.
٧ - أن في الجنات أنهار عظيمة تجري من تحت غرفها وأشجارها؛ لقوله تعالى:{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.
٨ - أن مَنْ مَنَّ الله عليه بالتقوى فإن ذلك من مقتضى ربوبية الله تعالى الخاصة، حيث قال:{اتَّقَوْا رَبَّهُمْ} فتخصيص الربوبية هنا بهؤلاء المتقين هو من باب الربوبية الخاصة، وقد مرَّ علينا كثيرًا أن ربوبية الله عزّ وجل لخلقه نوعان:"عامة، وخاصة"، فالعامة هي الشاملة لجميع الخلق. والخاصة هي الخاصة بالمؤمنين، كما أن "العبودية لله عزّ وجل" أيضًا نوعان:
عامة: وهي التي لجميع الخلق كما في قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}[مريم: ٩٣].
وخاصة: وهي للمؤمنين كما قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}[الفرقان: ٦٣].
وهذه الخاصة منها ما هو أخص كما في عبودية الرسول فهي أخص من العبودية العامة للمؤمنين المتقين، قال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}[الفرقان: ١]، وعلى هذا ففي العبودية عموم مطلق وعموم نسبي.
فالعموم المطلق: هو الذي يشمل جميع من في السموات والأرض.
والنسبي: هو عموم عبودية المؤمنين، فإنه عام بالنسبة لعبودية الرسول، خاص بالنسبة للعبودية المطلقة.