للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإشارة هنا على المفهوم من الفعل؛ لأن الفعل يدل على حدث وفاعله. فعاد الضمير هنا على الاتخاذ المفهوم من {يَتَّخِذِ}، مثل قوله تعالى: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] , فعاد الضمير إلى العدل المفهوم من كلمة {اعْدِلُوا}.

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ}:

أي: يتخذهم أولياء من دون المؤمنين {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} يعني: فالله بريء منه؛ لأن الله تعالى لا يرضى أن يتولى أحدٌ من المؤمنين أحدًا من الكافرين؛ لأن الكافر عدو لله بل هو عدو لك أيضًا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: ١] , مهما كان، فإن الكافر لا يمكن أن يضمر لك المحبة أو الولاية أبدًا، ولا يمكن أبدًا أن يناصرك إلا لمصلحته هو؛ لأنه عدو، والعدو لا يمكن أن يريد منفعة عدوه.

ثم قال تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}:

و{إِلَّا}: هنا حرف استثناء. والصواب أنه منقطع، بل يتعين؛ لأنه في حال التقاة لا نتخذهم أولياء، ولكن نوافقهم في الظاهر، ونخالفهم في الباطن. والمعنى: أن هؤلاء الكفار لهم سيطرة وقوة وقدرة نخشاهم، فنتقي منهم؛ أي: نتخذ وقاية من بطشهم وتنكيلهم بنا. لكن في الظاهر دون الباطن، ولا يجوز إلا في حال الخوف على النفس لضعف المسلمين وقوة الكفار.

ولابد أن تكون هذه الموالاة في الظاهر، باللسان فقط. أما في الباطن فيجب أن نضمر لهم العداوة والبغضاء وعدم الولاية.

وقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}، في هذا التفات

<<  <  ج: ص:  >  >>