للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و {الْمِحْرَابَ} المحراب مِفْعال من الحرب، وهو مكان العبادة، وليس المحراب هو طاق القبلة كما هو عند الناس، ورأيت في بعض المساجد مكتوب على طاق القبلة على القوس {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ}، يجعلون الإمام مريم وهم لا يشعرون، ويخطئون أيضًا في المعنى؛ لأن المحراب مكان العبادة سواء كان طاقًا أو مربعًا أو حجرة، ولهذا قال الله تعالى فى قصة داود: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: ٢١] وسمي بذلك لأن المتعبد فيه يحارب الشيطان.

{وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا}.

وهي امرأة منقطعة للعبادة دائمًا في محرابها ويجد عندها رزقًا؛ والرزق هنا ما يقوم به البدن، يعني رزقًا تأكله ليقوم بدنها وتحفظ حياتها. قال بعض المفسرين -وهو من الإسرائيليات- يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء، وهذا لا داعي له، فإنه إذا وجد عند فاكهة الصيف في الصيف، وفاكهة الشتاء في الشتاء وهي امرأة متعبدة منقطعة للعبادة؛ فهو آية.

{قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا}.

أي: من أين لك هذا؟ وخاطبها بقوله: يا مريم، إشارة إلى أنها في حال لا تقتضي أن يكون عندها ذلك؛ لأنها امرأة لا تكتسب منقطعة للعبادة، والمنقطع للعبادة ولو كان ذكرًا لا يتيسر له الرزق. ولهذا نادها باسمها قال: يا مريم؛ يعني انتبهي أيتها الأنثى كيف يجيئك هذا الرزق {أَنَّى لَكِ هَذَا}، فكان جوابها جوابًا عجيبًا {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}، وكلمة {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} لا

<<  <  ج: ص:  >  >>