للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امرأة" (١)، فكيف يمكن أن يرسل الله تعالى امرأة ليفلح الناس على يديها. صحيح أن المرأة تكون عالمة، وتكون داعية كما هو الواقع، أما أن تكون نبية يوحى إليها لتتولى السلطة كما يقولون التشريعية والتنفيذية فهذا بعيد، فالصواب أن مريم من الصالحات القانتات، وليست من الأنبياء والرسل.

٤ - أن الله تعالى يصطفي من الناس من يشاء؛ لقوله: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ}، أي اختارك اختيارًا لم يشاركها فيه أحد؛ لأنها صارت خادمة لبيت المقدس مع أنه لا يخدمه عندهم إلا الرجال، فهذا نوع من الاصطفاء.

٥ - براءة مريم مما ادعاه اليهود من كونها بغيًا؛ لقوله: {وَطَهَّرَكِ}، واليهود -قبَّحهم الله- اعتدوا على مريم وابنها فقالوا في مريم: إنها بغي، وقالوا في ابنها عيسى: إنه ولد زنا وكذبوه وقتلوه إثمًا لا حقيقة، كيف قتلوه إثمًا لا حقيقة؟ لأنهم أمضوا هذا الأمر الذي يظنون أنهم قتلوا به عيسى وصلبوه {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} [النساء: ١٥٧] , قال الله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: ١٥٧] , فكانوا قتلة إثمًا لا حقيقة؛ لأن عيسى باقٍ إلى الآن.

٦ - أن مريم مفضلة ومصطفاة على نساء العالمين، ولكن هل هذا يتناول نساء العالمين إلى يوم القيامة، أو نساء العالمين في زمنها؟ يحتمل معنيين: إما أن المراد نساء العالمين في زمنها ويكون قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "كَمُلَ من الرجال كثير، ولم يكمل من


(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى، رقم (٤٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>