للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَجِيهًا} هذه منصوبة على الحال، حال من المسيح أي: حال كونه وجيهًا في الدنيا، والوجيه هو ذو الجاه؛ وهو الشرف والمكانة والسيادة، وقد كان كذلك عليه الصلاة والسلام، أما وجاهته في الدنيا فلأنه كان أحد الرسل الكرام، بل هو من أولي العزم، وأولو العزم هم أعظم الناس جاهًا في الدنيا والآخرة، كما قال الله تبارك وتعالى عن موسى {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب: ٦٩]، وأما وجاهته في الآخرة فلأنه من أولي العزم من الرسل الذين هم بأعلى درجات الجنة، ولهم بالآخرة مقامات لا تكون لغيرهم.

فإن قيل: من هم أولو العزم من الرسل؟ فالجواب: أنهم أولو الحزم في الأمور والصبر عليها.

قال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: ٣٥] والمشهور في (من) في هذه الآية أنها للتبعيض، وأن أولو العزم هم الخمسة الذين ذكروا في آيتين من القرآن الكريم، وبعضهم جعل (مِنْ) بيانية، وعلى هذا يكون جميع الرسل من أولي العزم، لكن المشهور الأول.

وهم مذكورون في آيتين من القرآن.

الأولى: في سورة الشورى قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: ١٣].

والثانية: في سورة الأحزاب في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>