للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول الثاني: أن اليهود يقولون: إن إبراهيم يهودي علي دين اليهود، والنصاري يقولون: إن إبراهيم نصراني علي دين النصاري. وهذا الوجه عكس الوجه الذي قبله؛ لأن الوجه الذي قبله يدعون فيه أنهم علي دين إبراهيم، وفي هذا الوجه يدَّعون أن إبراهيم علي دينهم.

كيف تحاجون فيه وتقولون إن إبراهيم علي ديننا أو تقولون إنكم علي دين إبراهيم، كيف المحاجة وكيف يكون إبراهيم علي دينكم والتوراة لم تنزل بعد أيها اليهود؟ ! وكيف يكون إبراهيم علي دينكم والإنجيل لم ينزل بعد أيها النصاري؟ ! أو تقولون إنكم علي دينه وأنتم علي الإنجيل والإنجيل ليس هو دين إبراهيم، أو علي دين التوراة والتوراة ليست هي دين إبراهيم؟ . إبراهيم له شرعة خاصة: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]، فكيف تحاجون في هذا؟ ! تدعون أن إبراهيم علي التوراة أو علي الإنجيل، أو تدعون أنكم أيها المتمسكون بالتوراة أو المتمسكون بالإنجيل علي دين إبراهيم مع أن التوراة والإنجيل لم تنزل إلا من بعده، هذا هوس وسخافة كيف يكون إبراهيم علي دين كتاب لم ينزل بعد، التوراة نزلت على موسى، والإنجيل نزل على عيسى، وهما بعد إبراهيم بأزمنة كثيرة، فكيف يكون إبراهيم علي هذا؟ ولهذا قال: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (١)؟ والاستفهام هنا للتوبيخ يعني أفلا


(١) قيل في إعراب: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ}:
١ - أن الهمزة للاستفهام والفاء للعطف، لكن قدِّمت همزة الاستفهام لأن لها الصدارة، وعلي هذا فلا حاجة إلي تقدير؛ لأن الجملة تكون معطوفة علي الجملة التي قبلها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>