للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن آيات الله تشمل: التوراة والإنجيل والقرآن، كفروا بهذه الثلاثة كلها {وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} لم يقل: وأنتم تعلمون؛ لأن الشهادة أقوى لكونها تقتضي أن يكون العالم كالمشاهد للشيء بحسه، والمشاهدة بالحس أقوى من المشاهدة بالذهن، أو من العلم بالذهن. فهم يشهدون الآيات ويعلمونها ومع ذلك يكفرون بهذه الآيات.

{يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ}.

وهم في كفرهم مخادعون يلبسون الحق بالباطل. ومعنى لبس الحق بالباطل خلط الحق بالباطل، فهم يأتون بالباطل ويموهونه بحق. ووجه ذلك أنهم لو جاءوا بالباطل صراحًا ما قبل منهم لكنهم يأتون به مخلوطًا بحق من أجل أن يكون في ذلك تمويه على من لا يعرف الحقائق. وهذا من المكر والخداع لكل مبطل يموه الحق بالباطل، ومن ذلك أن يأتي بعبارات مجملة تحتمل حقًّا وباطلًا، ولكن هو يريد بها الباطل، ومن سمعها قد يحملها على إرادة الحق، وهذا أيضًا من لبس الحق بالباطل.

{لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ}.

تكتمون الحق: أي تخفونه. وهنا قد يقول قائل: كيف قال: تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق، أليس في هذا تناقض؟

الجواب: لا. ليس في هذا تناقض؛ لأنهم يكتمون الحق الصريح ويأتون به مخلوطًا مموهًا بالباطل. وليس قصدهم أيضًا الحق إذا جاءوا بالحق مخلوطًا مع الباطل بل قصدهم الباطل، وهذا الحق الذي جاءوا به كالثوب الذي يخفي العيب.

{وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} تعلمون الحق، بل وتعلمون حالكم أنكم

<<  <  ج: ص:  >  >>