وأقرب إلى الكتاب والسنّة إما بالعلم أو بالأمانة أو بالكثرة.
٥ - حكمة الله عزّ وجل في جعل القرآن ينقسم إلى قسمين، ووجه الحكمة أنه بهذا يحصل الابتلاء والامتحان، فالمؤمن لا يضل بهذا الانقسام، والذي في قلبه زيغ يضل، فكما أن الله يمتحن العباد بالأوامر والنواهي فهو يمتحنهم أيضًا بالأدلة؛ فيجعل هذا محكمًا وهذا متشابهًا، ليتبين المؤمن من غير المؤمن، ولو كان القرآن كله محكمًا لم يحصل الابتلاء، ولو كان كله متشابهًا لم يحصل البيان، والله سبحانه وتعالى جعل القرآن بيانًا، وجعله محكمًا متشابهًا للاختبار والامتحان.
٦ - أن من علامة الزيغ أن يتبع الإنسان المتشابه من القرآن سواء تبعه بالنسبة لتصوره فيما بينه وبين نفسه، وصار يورد على نفسه آيات متشابهات، أو كان يتبع ذلك بالنسبة لعرض القرآن على غيره، فيقول للناس مثلًا: ماذا تقولون في كذا وكذا، ويأتي بالآيات المتشابهات بدون أن يحلها. ولهذا من الخطر العظيم أن تورد -سواء للطلبة أو للعامة- آيات متشابهة دون أن تبين حل إشكالها، لأنك إذا فعلت هذا أوقعتهم في الحيرة والشك، وصرت كمن ألقى إنسانًا في بحر لا يستطيع الخلاص منه ولم يخلصه، وهذا يقع من بعض المتحذلقين من طلبة العلم أنه يورد الآيات المتشابهات ثم يقف ولا يبين للناس وجه هذا التشابه، فيوقع الناس في حيرة وهو لا يشعر.
٧ - أن هؤلاء الذين يتبعون المتشابه تارة يبتغون الفتنة، وصدّ الناس عن دينهم، ونزع الثقة من قلوبهم بالنسبة للقرآن، لقوله:{ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ}. وتارة يريدون بذلك أن يحرفوه إلى المعنى