للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون معلمًا لا ربانيًا؛ فإن علمه قاصر جدًّا؛ لأن فائدة العلم وثمرته هي العمل والتأدب بآداب العلم. فإذا كان هذا الرجل يملأ أدمغة الطلاب علمًا ولكن ليس هناك سلوك وأخلاق وأعمال وعبادة، فإن تعليمه ناقص جدًا، ولهذا قال: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ}.

٥ - الرد على منكري الأسباب؛ لقوله: {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} والباء للسببية، ولا شك أن الأسباب ثابتة، ولكنها ليست مستقلة بالإيجاد أو العدم، بل هي مؤثرة بما أودع الله فيها من قوة التأثير. وبهذا ندفع شبهة من قالوا بنفي الأسباب محتجين بأن إثبات الأسباب يستلزم إثبات خالق مع الله. ونحن نقول لهم: إننا نثبت الأسباب، لكنها لا تؤثر بنفسها بل بما أودع الله فيها من القوة. والدليل على هذا أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما ألقي في النار قال الله للنار: {كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: ٦٩] فكانت بردًا وسلامًا عليه، لم يتأثر بها مع أنها محرقة. قال أهل العلم: ولو قال الله تعالى: {كُونِي بَرْدًا} ولم يقل: {وَسَلَامًا} لأهلكته من البرد؛ لأنها تمتثل أمر الله عزّ وجل.

٦ - أن المعلم للناس يصح أن نسميه ربانيًا؛ لأنه قال: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} ولهذا نجد في تراجم العلماء رحمهم الله نجد كثيرًا ما يصفون العالم بأنه العالم الرباني.

ومن فوائد قوله: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠)}:

١ - إثبات الملائكة، والإيمان بهم أحد أركان الإيمان الستة، فلا يتم إيمان العبد حتى يؤمن بالملائكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>