للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو جاءوا بملءِ الأرض ذهبًا، وطلبوا أن يكون فداء لهم، فإن ذلك لن يقبل منهم. وحينئذ تكون هذه الآيات قسمت الكفار الذين ارتدوا إلى ثلاثة أقسام:

قسم تاب وأصلح فتقبل توبتهم.

وقسم تاب عند حضور الأجل فلا تقبل توبتهم.

وقسم ثالث مات على الكفر فلن تقبل فديته، ولا نقول: فلا تقبل توبته؛ لأنه لم يتب. وهذا كالذي في سورة النساء تمامًا حيث قال الله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء: ١٧] يعني قبل حضور الأجل: {فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء: ١٧، ١٨] هذا القسم الثاني، {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النساء: ١٨] هذا القسم الثالث. فتكون هذه الآيات كالآيات التي في سورة النساء.

وقوله تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}:

{أُولَئِكَ} المشار إليه من مات على الكفر، ومن لم تقبل توبته، وهو من تاب عند حضور الأجل. {أَلِيمٌ} بمعنى مؤلم؛ لأن أليمًا تأتي بمعنى الفاعل، وتأتي بمعنى المُفعِل، وتأتي بمعنى المفعول، فعيل تأتي بمعنى فاعل مثل سميع يعني سامع {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم: ٣٩] وبمعنى مفعول مثل جريح وكسير، وبمعنى مُفعِل مثل أليم بمعنى مؤلِم، ومنه قول الشاعر:

أمن ريحانة الداع السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع

قال تعالى: {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} يعني ما لهؤلاء أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>