للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: {أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: ١٠١]. لكن جاء في السنة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دعاء الميت: "اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته فتوفه على الإيمان" (١)، ففرَّق بين حال الحياة وحال الموت.

والجواب عن ذلك أن نقول: إنما غاير النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما لأن صلاح الأمة على سبيل العموم بالإسلام؛ إذا حيت الأمة مسلمة انتظم أمرها؛ لأن الإسلام معناه الاستسلام، ولم يكن فيها ما يوجب العناد والاستكبار. ولما قال: "أحييته منا فأحيه على الإسلام"، قال: "من توفيته فتوفه على الإيمان"، لأن المدار عند الموت على ما في القلب. لكن في هذه الآية وكذلك في الآيات الأخرى التي أشرنا إليها لم يذكر الإيمان معها فيكون الإسلام هنا شاملًا للإيمان.

وقوله: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي: لا تمت إلا وأنت مسلم. وهذا يقتضي أن تكون مسلمًا من الآن، لا تنتظر وتقول: سأسلم إذا جاء لموت، بل تكون مسلمًا من الآن؛ لأنك لا تدري متى يفاجئك الموت. فالآية لا تعني أن تؤخر الإسلام إلى عند الموت لأنك لا تدري، بل فيها الأمر بالمبادرة بالإسلام، وبالثبات عليه إلى الموت.

وفي هذا الآية إشكال في قوله {وَلَا تَمُوتُنَّ}، (لا) ناهية


(١) رواه أبو داود, كتاب الجنائز, باب الدعاء للميت, رقم (٣٢٠١). ورواه الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما يقول في الصلاة على الميت، رقم (١٠٢٤). ورواه ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة، رقم (١٤٩٨). ورواه أحمد في مسنده، رقم (٨٥٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>