للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: ١٦ - ١٩] (فإذا قرأناه) والقارئ هو جبريل كما ثَبُتَ به الحديث، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع قراءة جبريل تعجَّل في القراءة خوفًا من أن ينسى شيئًا، فكان يتعجل فقال تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} حتى لو نزلت آيات كثيرة في آنٍ واحد فلن تنساه، ولهذا قال: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي: أنه سيبقى ولا تنسى منه شيئًا، وقوله: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} لابد أن نبيِّنه للناس بلفظه ومعناه، يقول: {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} هل الباء هنا للمصاحبة؟ يعني أنها مصحوبة بالحق ونازلة بالحق، صدق في الأخبار وعدل في الأحكام؟ أو أن المعنى أنها نزلت من عند الله حقًّا، فالباء هنا للملابسة يعني متلبسة بالحق أي أنها نزلت من عند الله نزولًا حقًّا لا شبهة فيه ولا باطل وهو يشمل المعنيين جميعًا، فهي نازلة من عند الله حقَّا بلا شك، وهي أيضًا نازلة بالحق، والقاعدة في علم التفسير أن الآية إذا تضمنت معنيين لا يتنافيان فالواجب حملها على المعنيين، فإن كانا يتنافيان طُلب المرجّح، فما ترجَّح منهما فهو المراد.

وقوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ}:

(ما) نافية وهي حجازية؛ لأن الشروط تامة، لكن اسمها مفرد كما هو العادة في المبتدأ أن يكون المبتدأ مفردًا، وخبرها جملة (يريد) والترتيب موجود، ولم ينتقض النفي، ولم تقترن (بإن) فالشروط تامة، إذن هي حجازية. وليس مرادنا بقولنا حجازية أنه لا يتكلم بها إلا أهل الحجاز بل يتكلم بها جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>