للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أنه لو تقابل المسلمون وأهل الكتاب في قتال فالمنتصر هم المسلمون: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ} وهذا الخبر صدق مَخبَرُهُ لما كان المؤمنون على الإيمان الحق، ولكن لما اختلفوا وتفرقوا من بعد ما جاءهم البينات رفع الله عنهم هذا الالتزام ولم يلتزم لهم، وكانوا فريسة لأعدائهم من اليهود والنصارى. وكلما بعدنا عن الإِسلام زاد افتراس هؤلاء الأعداء لنا، ووجه ذلك أن المسلمين إذا تخلوا عن الإِسلام بقيت الموازنة بين قوىً مادية وأخرى، ومعلوم أن هؤلاء بالنسبة للقوى المادية سيكونون أقوى منا؛ لأننا إذا أضعنا أمر الله أضعنا القوى المادية، فإن من جملة أمر الله أن يكون لدينا قوة مادية. إذن فكلما أضعنا أمر الله حصل لهم من القوة علينا بقدر ما أضعنا من أمر الله، وكل درجة بدرجة، كلما نزلنا درجة ارتَقَوا درجة، وهذا الآن هو الواقع، تكاد أن تقول: إن السيطرة على البسيطة ليست للمسلمين ولكنها لغيرهم، حتى في بلاد المسلمين ليست السيطرة للمسلمين مع الأسف، لا نقول: إنهم مغلوبون عسكريًا، وقد يكونون غير مغلوبين عسكريا ولكن مغلوبون فكريًا؛ لأن الذين يقودون المسلمين فكريًا هم الكفار من أتباع الهوى والصد عن سبيل الله وفتح أبواب الكفر على اختلاف مسمياتها حتى ضاع المسلمون وصاروا يدبرون من الخارج، وليس من شرط التدبير أن تحتل العساكر بلاد الإِسلام، إذا استعمرت الأفكار بالنسبة للقادة فسد الناس، ولهذا يجب أن نكون منهم على حذر، فقوله تعالى: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ} نقول: إن هذا الخبر صدق مَخْبَرُهُ حين كان المسلمون متمسكين بالإِسلام كان عدوهم مرعوبًا منهم مسيرة شهر "نصرت بالرعب

<<  <  ج: ص:  >  >>